حزب الله ـ تيار المستقبل: هل تقدّم خيار المواجهة على الحوار؟… عبد الكافي الصمد

توحي المواقف السياسية التصعيدية من طرفي ″حزب الله″ و″تيار المستقبل″، خلال الأيام القليلة الماضية، أن ما بينهما ليس مجرد خلاف عابر يمكن حله بسهولة حول طاولة الحوار القائمة بينهما، أو أنه مجرد تباين عادي في الرؤى بين الطرفين الأكبر على الساحة المحلية، التي تتأثر سلباً أو إيجاباً بارتدادات وطبيعة العلاقة بينهما.

هذه المواقف السياسية المرتفعة السقف، التي تناست أن الطرفين يجلسان حول طاولة حوار ثنائية منذ أشهر بهدف إحتواء أي أزمة بينهما مسبقاً، وأنهما شريكان في حكومة يرأسها الرئيس سعد الحريري، أظهرت تناقضات جوهرية بين الحزب الأصفر والتيار الأزرق حيال مقاربة القضايا المحلية والإقليمية التي يختلفان حولها، وأنه من الصعب ردم هوة التباين بينهما بسهولة.

وأظهر السجال بين الطرفين نقاطاً عدة مختلفين حولها، أبرزها:

أولاً: تداعيات معركة تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع من عناصر جبهة النصرة وتنظيم داعش. إذ بدلاً من اغتنام ما حصل من أجل تدعيم التفاهم بين الطرفين داخل الحكومة وخارجها، ولو بالحد الأدنى، فُتح سجال بين الطرفين جرى خلاله تبادل الإتهامات، ودفع وزير العمل محمد كبارة الى المطالبة بـ″رفع السرية عن محاضر مجلس الوزراء في ما خص ملف عرسال، لكي تعرض الحقيقة كما هي على اللبنانيين″، بعدما تبين أن لكل منهما رؤيته الخاصة في ذلك، ما أثار توتراً سياسياً كبيراً أعاد الطرفين إلى متاريسهما السياسية مجدداً.

ثانياً: الخلاف حول ملف النازحين السوريين في لبنان. ففي حين يرفض ″تيار المستقبل″ فتح أي قناة حوار مع النظام السوري من أجل إعادتهم إلى بلدهم، إلا برعاية من الأمم المتحدة، حتى لا يُعطي الحكومة السورية شرعية تفتقدها بنظره، برغم تداعيات أزمة النازحين السوريين سلباً على لبنان بمختلف المجالات، يرى ″حزب الله″ أن رفض ″المستقبل″ غير منطقي، فالمساعدات الدولية للبنان لكي يتحمّل أعباء النازحين بدأت تتقلص، ما سيرتب عليه أعباء تفوق قدرته الضعيفة أصلاً.

كما يعتبر ″حزب الله″ أن شرط ″تيار المستقبل″ المسبق بالتفاوض مع النظام السوري، مرتبط برحيل الرئيس السوري بشار الأسد أولاً، هو كمن يدفن رأسه في الرمال، لأن النظام ورئيسه باتا يكسبان يومياً إعترافات دولية إضافية بعد تعزيز وضعه عسكرياً على الأرض، قبل أن يسأل الحزب على لسان نائبه نواف الموسوي أمس: ″ما عسانا نفعل إن بقي الرئيس بشار الأسد 30 سنة في الحكم، أو أتى إبنه من بعده؟″.

ثالثاً: تكاد الأجواء الحالية تشبه أجواء ما قبل إسقاط حكومة الحريري عام 2011. فالخلافات بين الطرفين نتيجة الملفات الداخلية والخارجية لم تتغير، وزاد عليها ملف الإنتخابات النيابية المقبلة، التي لا ينظر إليها ″تيار المستقبل″ بارتياح لأنها سوف تجري حسب قانون إنتخابي جديد سيلحق به خسائر كبيرة، ما يدفعه إلى محاولة تعديل القانون قبل إجراء الإنتخابات المرتقبة، أو تأجيلها فترة إضافية بانتظار ظروف أفضل، وهي أفكار يرفضها ″حزب الله″ وحلفائه بشدة، ووصل الأمر إلى حدّ التلويح للحريري بإخراجه من السراي الحكومي الكبير مجدداً، وأن بديله لتأليف الحكومة جاهز، وأن الإستغناء عنه ممكن، وما تسريب إسم النائب والوزير السابق عبد الرحيم مراد كمرشح حاضر سوى إشارة إلى الحريري بأن محاولته فرض شروط جديدة، أو سعيه لتعديل بنود اللعبة، سيكتب لها الفشل الذريع، بعدما باتت موازين القوى في الداخل والخارج تصبّ في مصلحة خصومه وخصوم فريقه السياسي في لبنان والمنطقة.

Post Author: SafirAlChamal