البترون: جران تُنصف المفكر خير الله.. بعد 97 عاما… لميا شديد

خيرالله خيرالله (1882 ـ 1930) المفكر والسياسي والصحافي الراحل الذي لم ينصفه التاريخ تكرمه بلدته جران البترونية بندوة دعا اليها المجلس البلدي ويرعاها وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده.

غدا الثلاثاء عند السادسة مساء، يلتقي رجال الفكر والثقافة والعلم حول هذه الشخصية المميزة التي أدت دورا وطنيا عظيما من دون أن يذكرها التاريخ وجاءت مبادرة مجلس بلدية جران، وبعد 97 عاما على رحيله، للتعويض ولو بجزء بسيط عن التقصير الكبير بحقه.

هو الصحافي والسياسي الراحل خيرالله خيرالله الذي قال عنه الرئيس بشاره الخوري ″هو الذي هيأ لنا طريق الاستقلال″ يعود اليوم الى وجدان أبناء جران ومنطقة البترون وكل من عرف وسمع عنه في محاولة لتخليد ذكراه وتسليط الضوء على دوره.

″صحيح أن جران هي بلدة صغيرة بمساحتها الجغرافية لكنها أعطت رجالات عظماء لعبوا أدوارا مهمة في مجالات عدة فعرفت ببلدة العلم والثقافة، هي جارة القديسين رفقا والحرديني والطوباوي الأخ اسطفان، غنية بتاريخها وثرواتها وهي تأبى أن تطمس تاريخ عظمائه″، كما يؤكد رئيس بلديتها بسام خوري الذي أكد أن بلدتنا غنية برجالاتها ولا يمكنها الا أن تكون وفية لهم، من هنا جاءت فكرة تنظيم الندوة الثقافية حول الصحافي والمفكر في السياسة والتربية خيرالله الذي كان من المفترض أن يحفظ التاريخ بصماته الوطنية ولكن للاسف لم ينصفه فغاب كليا عن صفحات تاريخنا.

ويقول: نحن من  بلدة تشجع العلم والثقافة وها هي تحتضن ″حديقة الشعراء″ الوحيدة في لبنان والتي أسسها المربي والشاعر عبدالله أبي عبدالله في حديقة منزله في جران وهي تشهد نشاطات ولقاءات ثقافية متنوعة يشارك فيها مفكرون وكتاب وشعراء من لبنان، وما هذه الندوة غدا حول خيرالله خيرالله الا مبادرة تقدير ووفاء لكل ما قدمه على المستوى الوطني والسياسي والفكري.

أما الدكتور في التاريخ والحضارات الشرقية سمير خيرالله الذي أجرى بحثا عن خيرالله خيرالله فيتحدث عن الشخصية المميزة التي ستكرمها بلدية جران غدا بشغف واهتمام  كبيرين، ويقول: ″هو من أهم الشخصيات اللبنانية التي عملت من أجل القضية اللبنانية ولتحقيق استقلال لبنان. هو الذي قال عنه الشيخ بشاره الخوري أول رئيس للبنان بعد الاستقلال ″هو الذي هيأ لنا طريق الاستقلال″ وقال عنه في مكان آخر ″لقد مات خيرالله خيرالله من أجل الاستقلال″.″

ويضيف: ″عندما باشرت بالبحث عن هذه الشخصية ، اكتشفت الكثير، هو صحافي عمل في صحيفة le temps  الفرنسية على مدى 19 سنة بين 1911 و1930 أي حتى العام الذي توفي فيه وكان مراسلا لها في الشرق الاوسط وشغل منصب مستشار لدى الحكومة الفرنسية لشؤون الشرق وقد تكون أهم فترة لمع فيها في حياته هي التي أمضاها في فرنسا.″

وقبل سفره الى فرنسا كان يعمل لتحرير العرب من النير العثماني وحاول تحقيق الاصلاح الاجتماعي والتربوي والاداري، وإصلاح المجتمع في العهد العثماني فواجه تحديات عدة وصعوبات لأن الدولة العثمانية كانت تقمع كل من كان يحاول العمل من أجل تحقيق الاستقلال وارساء الثقافة والانفتاح. وسنة 1908 أطلق مشروعه الاصلاحي واصدر كتابا بعنوان ″حول المسألة الاجتماعية والتربوية ـ  ″سوريا″  (حسب التسمية أيام الدولة العثمانية) وفي هذا الوقت كان العرب يعملون للتحرر من النير العثماني والدفاع عن اللغة العربية والهوية العربية فكان خيرالله خيرالله من أهم الاشخاص الذين عملوا في تلك الفترة. وعندما بدأت الملاحقات قرر السفر الى فرنسا ولكن لبنان وقضيته انتقلا معه وهو الذي حملهما في قلبه ودمه منذ دخوله الجامعة وكان بدأ دروسه الجامعية في بلجيكا.″

ويتابع: ″في 1911 تعرف خيرالله على رئيس تحرير le temps  أندريه تارديو الذي سبق له أن قرأ كتاب خيرالله عن الاصلاح الاجتماعي والتربوي والاداري باللغة الفرنسية فاستقبله على الفور وبدأ التعاون بينهما وبدا خيرالله يكتب في الصحيفة وكان القراء ينتظرون مقالاته بفارغ الصبر للتعرف على الشرق الاوسط. في العام 1912 أسس الجمعية اللبنانية لكي يتمكن من العمل بشكل أوسع لصالح القضية اللبنانية وفي أواخر العام 1912 أرسلته الحكومة الفرنسية بطريقة غير مباشرة وبصفة رسمية الى لبنان ودول المنطقة للاطلاع على الوضع في الدول العربية والبحث في امكانية تعاونها مع فرنسا.″

وفي العام 1913، عقد المؤتمر العربي في باريس الذي عمل هو لإنجاحه من خلال التنسيق مع الزعماء العرب الذين لم يتمكنوا من الاجتماع ضمن نطاق تواجد الدولة العثمانية للمطالبة بالاستقلال وكان خيرالله من أهم الشخصيات التي حضّرت لهذا المؤتمر والتي شاركت فيه ومعظمهم حكم بالاعدام من قبل الدولة العثمانية ومنهم من نفذ الاعدام بحقهم سنة 1916 أما هو فصدر حكم اعدامه غيابيا وفور تبلغه وجه رسالة الى جمال باشا وفيها: ″لقد حكمتم علي بالاعدام وأنا أحكم على دولتكم بالانقراض في القريب العاجل.″ ولم يكن يخشى على مصلحته الشخصية في سبيل القضية اللبنانية. وسبق  أن صدر بحقه قرار  الاعدام في العام 1912 عندما اصدر كتابه باللغة الفرنسية la syrie وتناول فيه النهضة العربية وسياسة الدولة العثمانية، وعندها توجه جمال باشا مباشرة الى المتصرف أوهانس باشا، وهذا ما أورده خيرالله في مذكراته، وقال له: “كيف لهذا الشخص أن يكتب ضدنا من فرنسا؟ واتفقا على إعدامه فور عودته الى لبنان. هو رجل مكافح ومناضل من أجل القضية اللبنانية ومن أجل القضية العربية.

وختم: ″غدا نلتقي حول هذه الشخصية المميزة التي يجهلها كثر ومن واجبنا تسليط الضوء عليها.″

Post Author: SafirAlChamal