من يُنزل تيّار المستقبل عن ″شجرة″ عدائه لسوريا؟… عبد الكافي الصمد

بالرغم من موافقة مجلس الوزراء قبل فترة على تعيين سفير جديد للبنان في سوريا، ووقع عقداً معها لاستجرار الطاقة الكهربائية منها، من غير أن يثير ذلك أي إعتراض سياسي أو غيره، فإن الإعلان عن زيارة وزراء في الحكومة إلى العاصمة السورية أثار ردود فعل، وحاول البعض إفتعال أزمة سياسية منها.

فما إن أعلن وزراء في حكومة الرئيس سعد الحريري عن نيتهم التوجّه إلى دمشق في زيارة عمل رسمية، وتحديداً وزيري الصناعة حسين الحاج حسن والمال علي حسن خليل، حتى علت أصوات وزارية ونيابية، محسوبة على “تيار المستقبل” وفريق 14 آذار، تعلن رفضها حصول هكذا زيارات وتعتبرها “تطبيعاً” و”اعترافاً” بالنظام السوري، وتمهّد الطريق لعودة “الوصاية” السورية على لبنان.

غير أن مواقف وزراء ونواب “التيار الأزرق” بدا عليها الإرباك والتناقض، إذ في حين اعتبر وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان أن “كتلتنا تعارض زيارة الوزراء إلى سوريا”، رأى وزير العمل محمد كبارة أن الوزراء “يمكنهم زيارة سوريا بصفتهم الشخصية وليس باسم الحكومة”، بينما خرج النائب سمير الجسر بموقف معاكس تماماً بقوله إن “العلاقات بين لبنان وسوريا لم تنقطع يوماً!”.

هذا التشتت في مواقف وزراء ونواب الكتلة الزرقاء من العلاقة مع الحكومة السورية، سواء لجهة الإصرار على بقائها مقطوعة، أو القبول على مضض بإعادتها إلى سابق عهدها، يمكن فهمه إنطلاقاً من حسابات إنتخابية خالصة، ذلك أن تيار المستقبل وفريق 14 آذار بنى شعبيته التي كسب بها الإنتخابات النيابية في دورتي 2005 و2009، واستطاع من خلالهما الوصول للسلطة والإمساك بها، على ركيزتين: الأولى العداء للنظام السوري، والثانية الإعتراض على سلاح حزب الله.

وبما أن “تيار المستقبل” وحلفائه رضخوا مضطرين للأمر الواقع الذي فرضه سلاح حزب الله عليهم، وهم يشاركونه في الحكومة الحالية، مع ما تسبّب ذلك من أزمة بين قيادة “التيار الأزرق” مع قواعده الشعبية، فإن العداء للنظام السوري بقي “الرئة” الوحيدة التي يستطيع التيار وحلفائه “التنفس” منها سياسياً وانتخابياً، ويحفظون عن طريق هذا العداء ما تبقى من “زخم” شعبي يأملون أن يحفظ لهم مقاعدهم النيابية في الإنتخابات المقبلة، أو على الأقل التقليل من الخسارة المنتظرة التي ستنزل بهم.

“عداء” تيار المستقبل لسوريا تفجّر غداة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، واتهام النظام السوري بهذا الإغتيال، قبل أن تُطوى هذه الصفحة، مؤقتاً، أيام التوافق السعودي ـ السوري، أو ما عُرف حينها بتوافق “سين ـ سين”، الذي أثمر أكثر من زيارة للحريري إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري بشار الأسد.

غير أن هذا العداء سرعان ما عاد للظهور واستعرّ أكثر من السابق بعد إسقاط حكومة الحريري عام 2011، واندلاع الأحداث في سوريا، ما دفع الحريري وتياره السياسي وحلفائه للصعود مجدداً إلى “شجرة” عدائهم لسوريا وبشكل أعلى من السابق، مراهنين على تطوّرات سياسية لم تتحقق، ما جعلهم هذه الأيام يعيشون ضياعاً سياسياً أكبر من الإرباك الذي عاشوه بعد اغتيال الحريري.

غير أن كلاماً غير مسبوق لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير، قد يشكل سلماً لنزول الحريري وفريقه السياسي عن هذه الشجرة، كانت أوردته أغلب وسائل الإعلام العالمية يوم الأحد في 6 آب الجاري، أبلغه الجبير لوفد المعارضة السورية يمثل الهيئة العليا للمفاوضات، من أن الرئيس الأسد “باقٍ في السلطة”، وأن على الهيئة المعارضة “الخروج برؤية جديدة، وإلا ستبحث الدول عن حلّ لسوريا من غير المعارضة”.

فهل يكون كلام الجبير خطوة أولى لمراجعة البعض في لبنان حساباتهم، ويشكل “حبل نجاة” لهم قبل فوات الأوان، أم سيستمرون في مغامراتهم السياسية التي ثبت فشلها؟

Post Author: SafirAlChamal