الانتخابات الفرعية.. طارت!… غسان ريفي

بات وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق في وضع لا يُحسد عليه، بعد الاحراج الكبير الذي يتعرض له بفعل وعوده المتتالية حول البتّ في الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان، وترحيله هذا الملف من جلسة حكومية الى أخرى، من دون أن يتمكن حتى من طرحه على طاولة مجلس الوزراء في ظل رفض المرجعيات السياسية إجراء هذا الاستحقاق على مسافة أشهر قليلة من الانتخابات العامة.

ربما ملّ اللبنانيون من تصريحات الوزير المشنوق عقب كل جلسة لمجلس الوزراء، حيث يعلن في كل مرة بأن ملف الانتخابات الفرعية سيُبحث في الجلسة المقبلة، وهو في المرة الأولى فقط تحدث قبل إنعقاد الجلسة، وأكد أننا “سندخل للبحث في ملف الانتخابات”، وخرج خالي الوفاض معلنا “تأجيل البحث الى الجلسة المقبلة”.. وهكذا دواليك.

هي المرة الخامسة يوم أمس، التي ينتظر فيها اللبنانيون أن يخرج الدخان الأبيض من جلسة مجلس الوزراء معلنا عن موعد إجراء الانتخابات الفرعية، فانتظر المعنيون بهذا الاستحقاق وزير الاعلام ملحم رياشي ليتلو البيان الذي خلا من أي إشارة حوله، وإقتصر على متابعة تفاصيل المعركة المنتظرة في جرود رأس بعلبك والقاع، وتأكيد الرئيس سعد الحريري على أهمية “النأي بالنفس” عن صراع المحاور، إضافة الى البحث في مشروع قانون الأبنية التراثية، وفي موضوع بورصة بيروت، فضلا عن الخلاف الذي حصل بين الوزراء حول الزيارات الرسمية الى سوريا. 

وفي هذا الاطار يقول أحد الوزراء لـ″سفير الشمال″: “إن ملف الانتخابات الفرعية غاب كليا عن جلسة مجلس الوزراء، ولم يتم طرحه لا من قريب ولا من بعيد، وهو أصلا لم يكن مدرجا على جدول الأعمال، ملاحظا أن ثمة عدم جدية في التعاطي حاليا مع ملف حساس من هذا النوع من شأنه أن يكشف أحجام القوى السياسية.

أمام هذا الواقع، لم يعد اللبنانيون بحاجة الى كثير من الذكاء ليكتشفوا أن السلطة السياسية تماطل في طرح ملف الانتخابات على طاولة مجلس الوزراء، تمهيدا لعدم إجرائها، وذلك بناء على رغبة بعض المرجعيات السياسية، أما الحجج فستكون حتما جاهزة سواء لجهة الوضع الأمني الضاغط مع إنتظار إعلان الساعة صفر لمعركة جرود رأس بعلبك والقاع، أو لضيق المهل القانونية التي بدأت تتآكل، وقرب موعد الانتخابات العامة في أيار 2018.

بات معروفا أن الرئيس سعد الحريري هو أكثر الرافضين لاجراء الانتخابات الفرعية، كونه على يقين بأن تياره في طرابلس غير قادر على خوض إستحقاق من هذا النوع في ظل التراجع الشعبي الذي يواجهه، وأن المقعدين الارثوذكسي (روبير فاضل المستقيل) والعلوي (الراحل بدر ونوس) كانا محسوبين عليه، وثمة صعوبة بالغة في إستعادتهما، خصوصا في ظل الجهوزية التامة لتيار الرئيس نجيب ميقاتي الذي أعلن مرشحه الأرثوذكسي (الوزير السابق نقولا نحاس)، و”الترهيب” الذي يمارسه اللواء أشرف ريفي، فضلا عن أن الحريري لا يرغب بصرف الأموال وتحريك الماكينة الزرقاء على إنتخابات سقفها سبعة أشهر، كما أن أي خسارة قد يتعرض إليها ستصيب من تياره مقتلا في الانتخابات العامة.

وتشير المعلومات الى أن رغبة الحريري كانت تواجه برفض من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي كان يصرّ على إجراء الانتخابات، لحماية عهده من مخالفة دستورية فاضحة، ولتعبيد الطريق أمام صهره العميد شامل روكز من كسروان الى البرلمان، لكن الاحصاءات التي أجريت مؤخرا ووصلت الى الرئيس عون أظهرت بأن إنتخابات كسروان لن تكون نزهة، وأن فوز روكز ليس مضمونا، إضافة الى الارباك الحاصل ضمن صفوف التيار الوطني الحر الذي لا يرغب رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل بأن يسبقه عديله روكز الى البرلمان، فكان رفض من الكوادر البرتقالية في كسروان تحريك الماكينة الانتخابية لمصلحة “العميد” كونه يعلن في كل مرة مرة أنه ليس منتميا الى التيار.

يضاف الى كل ذلك، الخلاف القواتي ـ العوني العميق الذي قد ينفجر عند أي إحتكاك في إستحقاق كسروان الانتخابي، وقد يعيد العلاقة بين الطرفين الى المربع الأول، وربما يؤسس لمعارك طاحنة بينهما في الانتخابات العامة المقبلة، فضلا عن رغبة رئيس حزب القوات سمير جعجع بعدم إجراء الانتخابات وهو أعلن عنها سابقا.

يمكن القول أن شعور هذه الأطراف بأن ليس من مصلحتها تحريك المياه الراكدة شعبيا في الوقت الحالي، أدى الى تلاقي الرغبات بين عون والحريري وجعجع على الاطاحة بهذا الاستحقاق، ما يؤكد بأن الانتخابات الفرعية طارت.

Post Author: SafirAlChamal