القاضي شكري صادر يُنهي خدماته.. لكي يبقى الحكم بإسم الشعب اللبناني!.. غسان ريفي

ربما كان الوزير يوسف فنيانوس محقا في توصيفه للقرار الذي إتخذه مجلس الوزراء بنقل القاضي شكري صادر من رئاسة مجلس شورى الدولة الى رئاسة غرفة في محكمة التمييز، عندما قال إعتراضا على هذا القرار: ″يلي ما بيمشي مع العهد بيطيّروه″.

وربما ظن القاضي صادر أننا دخلنا جديا في كنف دولة ″الاصلاح والتغيير″، وأن ما كان يقوم به دائما من إحقاق للحق، والحفاظ على مصالح الناس أمام رغبات القوى السياسية التي لا تنتهي، يساهم في تمتين أسس ومداميك هذه الدولة، قبل أن يكتشف أنه حقق إنجازا لم يسبقه عليه أحد، عندما توافقت كل القوى السياسية المتمثلة في مجلس الوزراء والمتضررة من قراراته، على قرار نقله من رئاسة مجلس شورى الدولة، باستثناء الوزير فنيانوس كممثل لـ″تيار المردة″، والوزير مروان حمادة الذي خرج عن إجماع وزراء ″اللقاء الديمقراطي″.

أن تضع القوى السياسية المتمثلة في مجلس الوزراء خلافاتها وصراعاتها ومصالحها جانبا، وتجتمع على قرار نقل القاضي صادر من رئاسة مجلس شورى الدولة، فهذه شهادة له، ووسام على صدره بأنه لم يجامل في قرار، ولم يهادن في قضية، ولم يحن رأسه لمرجعية سياسية من أجل البقاء في منصبه.

كثيرة هي الأضرار التي ألحقها القاضي صادر بالسلطة الجديدة التي تشكلت بعيد إنتخابات رئاسة الجمهورية، فهو إستفز ″التيار الوطني الحر″ في قضية مستشفى البوار الحكومي، وأزعج حركة أمل في قضية في مخالفات مشروع الرملة البيضاء، وأحرج تيار المستقبل في كشف مخالفات مناقصة الميكانيك، وكاد أن يحرجه أكثر في قضية تمديد شبكات ″الفايبر أوبتيك″ في وزارة الاتصالات، لكن قرار نقله حال دون إستمراره في دراسة هذا الملف وصولا الى إلغاء قرار الوزير جمال الجراح بهذا الخصوص.

واللافت أن القاضي صادر خاض مع القاضي رالف رياشي مفاوضات مع الأمم المتحدة حول المحكمة الدولية الخاصة في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كما شارك في وضع الاتفاق الخاص بهذه المحكمة وفي إنشاء نظامها، لكن كل ذلك لم يشفع له عند الرئيس سعد الحريري في أن يُكمل السنة والأربعة أشهر المتبقية له في منصبه في رئاسة مجلس شورى الدولة، ما يشير الى أن الحريري ومعه كل المرجعيات السياسية التي توافقت على تطيير صادر، تضرب المصلحة العامة بعرض الحائط، لحساب مصالحها السياسية والانتخابية.

بالأمس جاء رد القاضي شكري صادر على قرار مجلس الوزراء مدويا، فأطاح بالسلطة السياسية وقراراتها وتبريراتها، وفق قاعدة: ″إستغني عن الشيء فأنت نظيره″ وذلك عندما حدد بنفسه الساعة المناسبة للانسحاب، فتقدم من وزير العدل سليم جريصاتي بطلب إنهاء خدماته بعد 44 سنة في خدمة القضاء اللبناني، ووفق القوانين المرعية الاجراء، ليترفع بذلك عن كل المناصب، ويُحرج السلطة السياسية، ويخرج مرفوع الرأس، محافظا على كرامته وحضوره وهيبته وعلى الانجازات التي حققها طيلة سنوات خدمته، وليؤكد أيضا أنه من القضاة الذين لا يساومون على مبدأ، ولا يتساهلون في قناعة، ولا يتخلون عن إستقلالية، فيما يبدو أن المطلوب اليوم، قضاة تحكم باسم السياسيين، وليس باسم الشعب اللبناني.

Post Author: SafirAlChamal