بيان تيار المستقبل: أزمات وإرباكات تتوالى!.. عبد الكافي الصمد

أكثر من لافت كان البيان الذي أصدره ″تيار المستقبل″ أمس، في شكله ومضمونه وتوقيته، والذي هاجم فيه بشدة حزب الله والمقربين منه سياسياً وإعلامياً، وردّه على الحزب ومؤيديه بعبارات ومواقف حادة، كانت غابت عن أدبيات ″التيار الأزرق″ في تعاطيه مع الحزب منذ بداية جلسات الحوار بينهما، وبعد تأليف الرئيس سعد الحريري حكومته التي يشارك فيها ممثلون عن الحزب وحلفائه.

وإذا كانت الغاية المباشرة من بيان ″تيار المستقبل″ هي رفضه ″إضفاء الشرعية الوطنية على مشاركة الحزب في الحرب السورية، وسائر الحروب التي يشارك فيها في لبنان والخارج″، حسب البيان، والتي كان آخرها تحديداً المعارك الدائرة في جرود عرسال، معتبراً ذلك ″خطيئة وطنية″.. فإن بيان ″التيار الأزرق″ حفل بعبارات ″حامية″، تدل على سعيه وراء ″إشتباك″ سياسي وإعلامي بينه وبين الحزب، فضلا عن إعتباره الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية الأداة الحصرية للدفاع عن لبنان واللبنانيين وحماية الحدود.

كثير من المراقبين المتابعين لتيار المستقبل توقفوا عند بيانه، معتبرين أنه تضمّن نقاطاً وإشكاليات سياسية جدلية يستدعي التوقف عندها، أبرزها:

أولاً: إن البيان صدر بعد مرور أربعة أيام على بدء معارك جرود عرسال، ما يطرح أسئلة حول لماذا تأخر البيان كل هذا الوقت، وهل توقيته بريء ومناسب عشية دخول الرئيس الحريري إلى البيت الأبيض، اليوم الثلاثاء، للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في أول لقاء بينهما، علماً أن دخول الحريري الى البيت الأبيض قبل ستّ سنوات تقريباً، للقاء الرئيس الأسبق باراك أوباما، تزامن مع إستقالة 11 وزيراً أفضت إلى جعل حكومته مستقيلة، ما جعله يدخل البيت الأبيض رئيساً للحكومة ويخرج منه رئيساً سابقاً، فهل هناك من يريد إفتعال “مشكلة” مع الحريري كلما دخل البيت الأبيض، لكن هذه المرة يأتيه ″الضرب″ من داخل بيته الأزرق؟

ثانياً: يحمل البيان إنتقادات قاسية لحزب الله، وهي فُسّرت على أنها محاولة من ″تيار المستقبل″ لإعادة إمساك نبض الشارع السنّي الذي يبدي إمتعاضاً متزايداً من مواقف الحريري وتنازلاته، لكن هذا البيان موجّه للداخل اللبناني فقط، لأنه ليس بضاعة رائجة في أميركا ودول الغرب، لأن هذه الدول باتت تعتبر محاربة الإرهاب على رأس أولوياتها، وهي بذلك تتقاطع، جزئياً، بشكل غير مباشر مع حزب الله في حربه ضد جبهة النصرة وتنظيم داعش، وهذا التناقض يدل عليه بوضوح موقف عضو كتلة المستقبل النائب محمد قباني، الذي صرّح قبل صدور البيان أن ″الوفد الذي توجه إلى واشنطن يحمل رسالة بأن حزب الله يحارب الإرهاب″، داعياً الرئيس الحريري إلى أن ″يكون حكيماً في تعبيراته″.

ثالثاً: يبدو مستغرباً رفض بيان تيار المستقبل ما أسماه ″الدونية في مقاربة الإعتراض السياسي على زجّ لبنان بالحرب السورية″، التي يمارسها حزب الله، في حين أن من يفند مواقف تيار المستقبل من معارضيه بما يتعلق بالحرب السورية وغيرها، يخلص إلى أن التيار الأزرق مارس بحقهم دونية لم يسبقه إليها أحد.

رابعاً: عندما يرفض تيار المستقبل مشاركة حزب الله في الحرب السورية، باعتبارها شأناً غير داخلي، ويجرّ نار تلك الحرب إلى لبنان، فماذا يقول عن دعمه المعارضات السورية المسلحة، مباشرة أو بشكل غير مباشر.

Post Author: SafirAlChamal