نزاع بقاعصفرين وبشري حول القرنة السوداء.. يتحوّل سياسياً!.. عبد الكافي الصمد

deniye 222

تفاعلت قضية الخلاف بين بلديتي بقاعصفرين وبشري حول القرنة السوادء، وأحقية كل منهما بتبعيتها لها إدارياً، وتطوّرت من نزاع حول ملكية أراضٍ ومراعٍ ومشاعات ومصادر مياه، إلى صراع سياسي، بالتزامن مع تبادل الطرفين الإتهامات التي أخذت على مواقع التواصل الإجتماعي أشكالاً مقلقة تعبّر عن عمق الإنقسام السياسي والطائفي.

وطرحت تداعيات القضية وحجم الخلاف الكبير حول أعلى قمة في لبنان والشرق الأوسط، إذ يبلغ إرتفاع القرنة السوداء عن سطح البحر 3088 متراً، أسئلة عدة حول أسباب عدم وضع حدّ لخلاف يتجدّد سنوياً ويكبر ككرة الثلج، وحول عدم تنفيذ ورعاية الإتفاق الذي تم التوصل إليه بين الطرفين العام الماضي بإشراف محافظ الشمال رمزي نهرا، وعن عدم بتّ القاضي العقاري بهذا الخلاف لإنهائه بعدما احتكم الطرفان إليه، ومن المستفيد من بروز هذا الخلاف في كلّ سنة؟

واتضح من تفاعل القضية والردود على المواقف المتشدّدة التي أعلنها طرفا النزاع حول القرنة السوداء، بعدين رئيسيين لها: سياسي وعقاري، من غير أن تغيب الأبعاد الإقتصادية والبيئية والسياحية للقضية، والتي لا تقل أهمية عن قريناتها.

وقد سجلت الأيام القليلة الماضية تطورات بارزة في هذا المجال، يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:

أولاً: تحوّل النزاع بين بقاعصفرين وبشري حول القرنة السوداء إلى سجال سياسي بين الوزير السابق فيصل كرامي والقوات اللبنانية، نبشت فيه صفحات الماضي، وجعل النزاع يأخذ أبعاداً خطيرة، بعدما تصدّى كرامي للدفاع عن حق أهالي بقاعصفرين في القرنة السوداء، كون البلدة تعتبر مصيف آل كرامي الرئيسي ومنزلهم الثاني، وتحذيره من أنه “لن نسكت بعد اليوم على تمادي عناصر متفلتة تابعة لحزب القوات اللبنانية في الإعتداء على نباريش سحب المياه في جرود بقاعصفرين”، ما جعل رئيس بلدية بشري فرادي كيروز، المقرب من القوات اللبنانية، يرد ببيان داعياً كرامي إلى أن “لا يستثمر حقده ضد القوات اللبنانية في موضوع إنساني له علاقة بحياة المزارعين وليبتعد عن الشحن الطائفي”، واضعاً “تهديدات” كرامي برسم القضاء اللبناني لإتخاذ الإجراءات اللازمة.

ثانياً: لفت كيروز إلى أن رئيس القوات الللبنانية سمير جعجع “يقوم بالإتصالات الشخصية اللازمة” مع رئيس الحكومة سعد الحريري لحل الأزمة، لكن أي مؤشرات إيجابية لم تنتج عن هذه الإتصالات، بما فيها زيارة عضو كتلة المستقبل ونائب الضنية أحمد فتفت لجعجع في معراب، مطلع الشهر الجاري لحل المشكلة، لكن الأمور بقيت على حالها، ما يظهر أن وساطة التيار الأزرق لم تجد نفعاً لدى حليفه السياسي، فقد سُجّل بعد زيارة فتفت إعتداءين قام بهما مواطنون من بشري على رعاة ومزراعين من بقاعصفرين، فقطعت نباريش وأحرقت جرافات عائدة لهم في المنطقة.

ثالثاً: طرأ تطور لافت على النزاع بين الطرفين، وهو إدعاء بشري، حسب بيان رئيس بلديتها، أن “مياه القرنة السوداء، والتي هي تقع ضمن عقارات بشري، هو موضوع مقدس بالنسبة لنا، ومن غير الممكن أن نسمح لأي كان أن يتعدّى عليها”، وهو خطاب مستجد لفاعليات بشري التي كانت تبرر إعتراضها سابقاً على جرّ مياه ثلاجات القرنة السوداء إلى جرود بقاعصفرين، بأن له أثر سلبي على مصادر المياه الجوفية والينابيع في المقلب الآخر من القرنة لجهة بشري، وأن القانون يمنع إستغلال المياه في المناطق التي ترتفع فوق سطح البحر أكثر من 2400 متر.

هذا الموقف دفع رئيس بلدية بقاعصفرين سعد طالب للرد، أمس، على كيروز ببيان ذكّره فيه بأن إعتداءات أهالي بشري على أهالي بقاعصفرين، التي نفاها، “مسجلة في محاضر التحقيقات التي أجرتها مخابرات الجيش اللبناني والقوى الأمنية”، وأما قوله “إمتلاك مستندات ووثائق تثبت ملكيتهم للأراضي، فهذا الكلام غير صحيح ومخالف للحقيقة ومردود عليه”، لأنه “نملك الخرائط والوثائق العقارية فضلاً عن خرائط الجيش اللبناني، التي تثبت أن القرنة السوداء، مع قطر دائري يبلغ قرابة 5 كيلومترات تقريباً، تقع ضمن خراج بقاعصفرين”، و”نحن لسنا ممن نتخلى عن حقوقنا”.

ودافع طالب عن موقف كرامي الذي “سعى لدى الجهات السياسية والأمنية لكي يتداركوا الموضوع، خشية من أن تسبب هذه التصرفات باصطدامات بين الأهالي”.

Post Author: SafirAlChamal