توصيات ورشة ″المساءلة النسوية..أين موقعي″؟

أقام ″المركز الدولي لعلوم الإنسان في جبيل″، بالتعاون مع جمعية ″هانس زايدل″، ورشة حوار ونقاش، بعنوان: ″المساءلة النسوية في ظل قضايا حقوق الإنسان: أين موقعي؟″، شارك فيها وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان، ومفتي الشمال الشيخ مالك الشعار، والمعاون البطريركي المطران جوزف نفاع، وعدد من الحقوقيين والاكاديميين وناشطات وناشطون في المجتمع الأهلي ومؤسساته، وبعد جلسات امتدت على مدى يومين، خلص المنتدون إلى سلسلة من الرؤى والتوصيات، أبرزُها:

أولاً- في الرؤى:

أ- إن قضية المرأة ليست قضية نسوية، بل هي قضية المجتمع، بكل مكوّناته.

ب- إنّ التمييز بين الجنسين يستمد مشروعيته ومُغذّياته الدائمة من الموروث الثقافي المؤسَّس على النظام الأبوي الطاعن في تاريخيتِهِ.

ج- إن حماية الأسرة، لا سيما حماية المرأة من العنف الأسري، لن تتحقق بشكل ناجز ما لم تتم معالجة مسبِّبات هذا العنف، وهي ترتد إلى عوامل اقتصادية (الفقر والبطالة)، واجتماعية (الجهل)، مع التوقف عند العنف المؤسَّسي المتأصل في النظام السياسي والاقتصادي، والذي ينعكس بسلبياته على المشهد المجتمعي العام.

هـ- تكمن وراء تعنيف الأزواج لزوجاتهم أزمة، في هويتهم الجندرية، نتعرّفها عبر استعراض المشهد المجتمعي، بوجهيه النسوي والذكري.

و- إن البنية الطائفية والبنية العائلية مُتجذرتان في قوانين الأحوال الشخصية، بحيث يُنظر إلى الناس كرعايا في الدولة، وليسوا مواطنين يجمعهم قانون مدني واحد.

ز- إن تداخل الصلاحيات المنوطة بالمحكمة المدنية، لجهة قانون حماية النساء من العنف الأسري، وتلك العائدة للمحاكم المذهبية، أمر ينبغي التنبُّه له، ذلك أن أكثر الأزواج المعنِّفين يلجأون إلى هذه المحاكم، كونها لا ترى في التعنيف مبرّراً جوهرياً للطلاق أو الانفصال بين الزوجين.

ح- إن التشريع في المجال الأسري، لا سيما لجهة تعنيف المرأة، لا يكبح الأذى الذي تتعرّض له النساء فحسب، بل يردع الجاني ويضع حداً لتصاعد العنف، ويمنع تالياً احتمال بلوغه عتبة القتل (قتل المرأة).

ط- إن المواطنة، انتماءً نهائياً وسلوكاً معيشياً، لا بديل منها لقيام دولة القانون والمؤسسات الضامنة حقوق الجميع، بمعزلٍ عن معتقداتهم وجنسيتهم.

ثانياً- في التوصيات:

أ- التربية على القيم الإيجابية الكابحة للعنف الأسري بعامة، والعنف ضد المرأة بخاصة.

ب- توعية مجتمع النساء وتبصيرهن بحقيقة منظومة حقوق المرأة، وصولاً إلى محو الأمية القانونية، وعلى قاعدة “اعرفي حقوقك!”.

ج- تعزيز مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، وتفعيل مشاركة النساء، عبر تطوير السياسات الحكومية والإصلاح القانوني ذي الصلة.

د- إن الدولة اللبنانية، بإقرارها القانون 293/2014، كان ينبغي أن توفّر، لحسن تطبيقه وبلوغ استهدافاته، الموارد البشرية والمادية الضرورية، عبر إنشاء وحدات تابعة لها أو الاستعانة بوحدات موجودة في إطار مؤسساتها العامة ووزاراتها، والتعاقد مع خبرات علم نفسية واجتماعية، ناهيك عن الشراكة مع منظمات غير حكومية متخصصة في هذا المجال.

هـ- لا يجوز أن تواجه المنظمات غير الحكومية منفردةً الفئات المجتمعية الدينية والسياسية والإعلامية المناهضة للقانون 293/2014 بموارد لا تتناسب وحجم هذه المهمة، الأمر الذي يزيد من احتمال فشلها.

و- إن سُمعة القضاء على المحك، في ما يعود إلى تعاطيه قضية العنف الأسري والعنف ضد المرأة، ذلك أن صُدقية هذا القضاء تقتضي تطوير آليات فعالة للتحقيق العاجل والأمين، وصولاً إلى إصدار أحكام صائبة وعادلة. وإلى ذلك ينبغي فك الاشتباك بين السياسي والقضائي، بما يُوفّر الحماية المطلوبة للمرأة المعنّفة.

ز- في ظل تعدّد المرجعيات القضائية وازدواجيتها ، يجب التنسيق في ما بينها، عبر إصدار وثيقة صريحة، تتحدّد فيها نقاط الالتقاء العائدة للمحاكم المذهبية فيما بينها من جهة، وبين المحكمة المدنية من جهة أخرى، وذلك منعاً لتحايل الأزواج الذين يلجأون إلى المحاكم الدينية، تبريراً لممارسة العنف الجسدي والاقتصادي والمعنوي بحق المرأة.

ح- إن وجود زيجات مختلطة، طائفياً ومذهبياً، يقتضي ضرورة التنسيق بين المحاكم الروحية والشرعية، ريثما يحظى اللبنانيون بقانون مدني للأحوال الشخصية، يوحد بينهم كمواطنين لا كرعايا.

ط- إيجاد مراكز متخصصة لإخضاع مرتكب جرم التعنيف الأسري إلى دورات تأهيل التزاماً بمنطوق المادة 20 من القانون رقم 293/2014، بما يفضي إلى ضمان التغيير الجذري في سلوكه واتجاهاته وقيمه.

ي- إلزام الدولة اللبنانية احترام توقيعها على الاتفاقيات الدولية التي ترعى شؤون المرأة، لا سيما اتفاقية “سيداو”. ناهيك عن رفع تحفظاتها عن بعض بنود هذه الاتفاقية، لا سيما لجهة “الكوتا” النسائية في التمثيل السياسي، وحرمان المرأة، المتزوجة من غير لبناني، من إعطاء جنسيتها لأبنائها.

ك- تعديل المناهج التربوية، عبر ادخال مفاهيم التربية على المواطنة والديمقراطية والسلام، وعلى سائر القيم التي تُعزِّز الانتماء المواطني والسلوك المواطني.

ل- الانتقال من الكلام عن حقوق المرأة إلى الكلام عن حقوق المواطنة، بما يُعزّز نهاية المطاف، حضور الدولة المدنية.

م- تفعيل دور رجال الدين المتنوّرين، فتكون عملية تأويل وظيفية بناءة للنصوص الدينية.

ن- التشبيك بين مختلف مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني، لا سيما العاملة في مجال حقوق المرأة، بُغية توحيد  الخطاب وآليات التحرك، وبما يؤدي إلى تفعيل مناصرة المرأة.

س- اعتماد قانون مدني موحّد للأحوال الشخصية، يكون بديلاً من القوانين المذهبية التي تُميّز بين فئات النساء في الوطن الواحد!

Post Author: SafirAlChamal