عودة نازحي عسال الورد.. مقدمة لعودة النازحين السوريين؟.. عبد الكافي الصمد

عكس الإهتمام السياسي والإعلامي والإنساني بعودة 120 عائلة سورية إلى بيوتها، يوم السبت الماضي، في بلدة عسال الورد في منطقة القلمون السورية، حجم الرغبة في عودة عائلات سورية إلى مناطقها بعد أكثر من 6 سنوات على بدء اندلاع الأحداث في سورية من جهة، وحجم الآمال في أن تكون هذه الخطوة إشارة إلى بدء معالجة أزمة النازحين السوريين في لبنان من جهة ثانية.

وما جعل الإهتمام بعودة هؤلاء مضاعفة، أنهم غادروا بلدة عرسال البقاعية، التي تعتبر من أكثر المناطق اللبنانية حساسية وتعقيداً بما يتعلق بالنازحين السوريين في لبنان، ما ترك إرتياحاً كبيراً، أمل معه كثيرون أن تكون الخطوة مقدمة لعودة دفعات أخرى من النازحين إلى بلادهم في أقرب فرصة، ولإنهاء أزمة النازحين وإن بشكل تدريجي، بعد أن بلغ عددهم وفق أرقام المفوضية العليا لشوؤون اللاجئين قرابة مليون و150 ألف نازح، ربعهم يقيم في مناطق الشمال.

هذه العودة كانت خلال السنتين الأخيرتين، تحديداً، تمثل مطلباً ملحاً للسوريين واللبنانيين معا، فأغلب النازحين السوريين كانوا يمنّون النفس بعودة سريعة إلى مدنهم وقراهم ومناطقهم، بعد سنوات من التشرد والفقر والعوز، والخوف على مستقبل أجيال طالعة من الضياع.

بالمقابل كان اللبنانيون يأملون حل أزمة النازحين السوريين سريعاً، نظراً لتداعياتها الإقتصادية والإجتماعية والأمنية التي تفوق قدرة لبنان على التحمل، أو الإستمرار في تحمّل أعبائها.

لكن عودة عائلات نازحة من عسال الورد إلى بيوتها لم تأت من فراغ، لأن جملة عوامل أسهمت في تسهيل عودتهم، أبرزها الأمان الذي تنعم به بلدتهم، ونجاة أكثر من 70 في المئة من منازلها من الدمار الذي سببته الحرب، فضلا عن رغبة مشتركة من الطرفين الرسميين اللبناني والسوري، ما جعل خطوة العودة الأولى تصيب نجاحاً.

وكانت دعوات كثيرة صدرت من قوى سياسية لبنانية مختلفة دعت إلى عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، وتحديداً إلى مناطق آمنة في سورية، ما يخفف العبء عن لبنان، لكن هذه الدعوات كانت تصطدم بالخلاف الداخلي، لأن فئات لبنانية عدة كانت ترفض أن تحصل هذه العودة عبر التنسيق مع النظام السوري بحجة عدم إعطائه أي شرعية، من غير أن تطرح بالمقابل أي حل عملي لهذه العودة.

وبرغم ذلك، فإن رافضي التواصل مع الحكومة السورية لحل أزمة النازحين كانوا يشيرون دائماً إلى مخاطر أزمة النزوح على لبنان وبقائها بلا حل، ومنهم وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي الذي أكد قبل أيام أمام وفد أوروبي إلتقاه لهذه الغاية، أن “الوضع كارثي والبنية التحتية، وفرص العمل لم تعد كافية للمجتمع المضيف والمجتمع النازح، ما خلق مشاحنات بين الطرفين بسبب التنافس على لقمه العيش والموارد المحدودة”، محذرا من “قنبلة موقوتة ستنفجر في أي لحظة إذا لم يتدخل المجتمع الدولي”.

ولعل الخوف من إنفجار قنبلة النازحين السوريين في لبنان، كما حصل سابقاً مع اللاجئين الفلسطينيين، هو الذي جعل حجم الإرتياح لعودة نازحي عسال الورد مضاعفاً، ومقدمة لحل أزمة النازحين ككل، أو على الأقل عودة جزء كبير منهم، في انتظار عودتهم جميعاً بعد معالجة ملفات بعضهم، وهو أمر يحتاج إلى جهود رسمية حثيثة، وإلى التواصل مع كل الجهات المعنية بهذه الأزمة، ومنها النظام السوري، الذي تعرف الحكومة اللبنانية أنها ستتواصل معه يوماً، وبالتالي فإن أي مكابرة أو تأخير في مسعاها يعني إستمرار لبنان رازحاً تحت أعباء أزمة تفوق قدراته.

Post Author: SafirAlChamal