الأرثوذكس.. مهمشون سياسياً وإدارياً!.. غسان ريفي

لم يأت إعلان المجمع الانطاكي المقدس عن إستيائه مما أسماه ″الاقصاء المتمادي الذي يتعرض له الأرثوذكس في الوظائف العامة، خلافا للعرف المعمول به″، من فراغ، بل جاء نتيجة شعور أرثوذكسي بالغبن على الصعيدين السياسي والاداري.

تشير المعلومات الى أن بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر اليازجي، بات لديه تصورا عن حجم الوظائف التي خسرها الارثوذكس خلال السنوات الماضية لا سيما على صعيد وظائف الفئتئن الأولى والثانية، حيث أن كثيرا من الارثوذكسيين الذين بلغوا سن التقاعد، إستُبدلوا بمسيحيين من طوائف أخرى، إما بالأصالة وإما بالتكليف، أما أكثرية الوظائف التي تمنح للطائفة، فتكون للأرثوذكسيين المنتمين سياسيا الى التيارات والأحزاب، والذين يلتزمون بقرارهم الحزبي على حساب أي شيء آخر.

هذا الواقع، ينمّي شعور الغبن والتهميش لدى الطائفة الأرثوذكسية، ويضاعف من الضغط على الكنيسة التي باتت تلمس أن السلطة اللبنانية لا تتعاطى مع الأرثوذكس كمكون أساسي في المجتمع اللبناني، أو كشركاء في الوطن، وهي لا تستفيد من الكفاءات التي تختزنها هذه الطائفة على كل صعيد، ما يدفع شبابها المستقلين الى الهجرة.

لذلك فقد إستقبل المجمع الانطاكي في إحدى جلساته نائب رئيس الحكومة وزير الصحة العامة غسان حاصباني، والوزيرين السابقين طارق متري ونقولا نحاس والنائب غسان مخيبر وعدد من ذوي الاختصاص وتم إطلاعهم على تفاصيل المجريات والتحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الأرثوذكس في لبنان والشرق.

يشير مصدر مطلع على هذا الملف، الى أن قوة الأرثوذكس التاريخية في أنهم منفتحين ومثقفين وغير محسوبين سياسيا على أي تيار أو زعيم، قد تحولت اليوم الى ضغف كبير، لأن هذه الشريحة سواء ضمن الطائفة الأرثوذكسية أو ضمن أي طائفة أخرى قد جرى تهميشها لمصلحة تكريس الانتمائين السياسي والطائفي.

ويؤكد المصدر أن الكنيسة الأرثوذكسية تتعاطى مع هذا الملف من منطلق وطني بحت، وذلك لايمانها بأن الأرثوذكسيين اللبنانيين الذين يملكون العلم والكفاءة والاستقلالية من حقهم أن يأخذوا فرصتهم في الدولة، لا أن يعيشوا تحت رحمة التكتلات السياسية والطائفية التي تسعى الى ملء كل فراغات الادارة بالمحسوبين عليها.

ويرى المصدر أنه في زمن السيطرة الحزبية والسياسية، تتقدم الولاءات على أي إعتبار آخر، وبما أن الأرثوذكس لا سيما الموظفين منهم هم من المستقلين سياسيا، وفي ظل وضع اليد الحزبية على كل أنواع التمثيل في السياسة والادارة، فان الأرثوذكس يخسرون لمصلحة طوائف مسيحية أخرى أو لمصلحة أرثوذكس حزبيين متفلتين من سلطة الكنيسة.

وينتقد المصدر “الشمولية المسيحية” التي تعتمدها بعض التيارات، من خلال شعارات إنتزاع حقوق المسيحيين، والدفاع عنهم، وتثبيتهم في أرضهم، لافتا الانتباه الى أن هذه “الشمولية” تقوم على حساب الأرثوذكسيين المستقلين الذين يدفعون الثمن من مناصبهم ومواقعهم ووظائفهم وحضورهم، لأن السيطرة الحزبية القائمة تسعى الى توظيف الموارنة والكاثوليك حصرا ومن ثم الأرثوذكسيين الحزبيين.

يشير أحد المشاركين في إجتماع المجمع الانطاكي المقدس، الى أنه آن الأوان لأن يكسر الأرثوذكس الهيمنة السياسية المفروضة عليهم، وأن يخرجوا من التبعية الحزبية التي تقوّض تحركاتهم، لافتا الانتباه الى أن الحكومة الحالية تضم أربعة وزراء أرثوذكس، ثلاثة من التيار الوطني الحر، وواحد من القوات اللبنانية.  

safiralchamal

Post Author: SafirAlChamal