شكلت ″ليالي طرابلس الرمضانية″ التي أطلقتها جمعية ″طرابلس حياة″ في خان العسكر الأثري في الأسواق القديمة، فرصة لتلاقي أبناء المدينة وزوارهم من مختلف المناطق اللبنانية في عبق من التاريخ، وبين الجنبات المملوكية، وضمن أجواء رمضانية حملتها فرق الانشاد والفتلة المولوية الى فضاء إيماني ـ روحاني، وأضاف إليها الحكواتي نزيه قمر الدين وفرقته نكهة تراثية فكان المشهد الطرابلسي متكاملا، دفع الأهالي والزوار الى السهر حتى ساعات الفجر الأولى.
تتخذ ليالي طرابلس الرمضانية بُعدا إنسانيا وإجتماعيا هاما، حيث أعلنت رئيسة جمعية ″طرابلس حياة″ السيدة سليمة ريفي أن الرسم المالي الذي يُستوفى عند الدخول، سيخصص لمستشفى مرضى السرطان، لأننا تعودنا في كل نشاطاتنا أن يعود ريعها لمساعدة الفقراء والمحتاجين.
ليالي طرابلس الرمضانية التي تستمر عشرة أيام، وتقدم يوميا فقرات فولكلورية وفنية وإنشادية مختلفة، ستلفت الأنظار الى طرابلس العاصمة المملوكية الثانية في العالم بعد القاهرة، وستشكل عامل جذب لكل اللبنانيين الذين ستشدهم أصالة المدينة ورقيها وحضارتها وتراثها، ليعيشوا أجواء رمضان التي ما تزال الفيحاء تتفرد بها بين المدن اللبنانية.
لذلك فقد جهزت جمعية ″طرابلس حياة″ خان العسكر الأثري بشكل يليق مع المناسبة، لجهة نشر المقاعد في باحاته وعلى شرفاته، وإقامة “ديوانيات تراثية” في غرفه المجاورة، بينما ينشط سوق الأكل في تقديم شتى أنواع المأكولات، إضافة الى الحلويات الطرابلسية، وعرض للصناعات التراثية التي إشتهرت بها المدينة.
حفل إفتتاح ليالي طرابلس الرمضانية، كان بحضور الوزير السابق أشرف ريفي، رئيس بلدية طرابلس المهندس أحمد قمر الدين، النجم العربي وليد توفيق، وشخصيات إجتماعية وهيئات من المجتمع المدني، وحشد من أبناء طرابلس والمناطق اللبنانية.
البداية كانت مع آيات من الذكر الحكيم للمقرئ الشيخ محمد حبلص، فالنشيد الوطني اللبناني، وترحيب من الزميل نبيل الرفاعي، ثم ألقت السيدة سليمة ريفي كلمة اكدت فيها ان هدف الجمعية هو إنعاش الأسواق وعودة المدينة الى سابق عهدها، وتفعيل القطاع السياحي، ومساعدة مرضى السرطان من خلال الريع الذي نجنيه من هذه الامسيات.
وقالت:″ اهمية الانشطة التي تقام من وحي شهر رمضان المبارك هو التأكيد على هوية المدينة بتراثيها وتقاليدها وأصالتها، ونشاهد في أمسياتنا زوارا من مختلف المناطق والطوائف، خصوصا أن طرابلس هي عاصمة الشمال وتحضن كل اطياف المجتمع اللبناني.″
وأضافت: مثل كرم رمضان نجتمع اليوم، في مدينتنا المنتمية بصلابة الى المحبة ولا شيء سوى المحبة، نصوم سوياً تحت شمس ساطعة تغزو خيوطها اللامعة بيوتنا، شوارعنا، حاضرنا وقلوبنا العاشقة للنور، ونفطر سوياً تحت قمر تصبو نحوه العيون بكل أمل ورجاء، وتكمن أهمية شهر رمضان المبارك بالجمع، بعد ان نمضي الاشهر الاحدى عشر بالوحدة.
وتابعت: “هكذا هي طرابلس، وهكذا هم أهلها يصلون بأعلى صوت ويزكون بصمت، يصومون عن قناعة ويفطرون بالشكر والامتنان ″رمضان بالخان″، رمضان هو الزمان والخان هو المكان، الزمان زمان الرحمة والخير، زمان التوبة وابواب السماء المفتوحة تنتظر الدعاء لله عز وجل، الخان هو المكان، يذكرنا بتاريخٍ فخور، من ماض حاضن بغمرة الحب والوحدة، ماض جمع الطرابلسي مع الطرابلسي، ماض لم يبحث عن هوية طائفة او منطقة او عقيدة، ماض رائع مثل هذا الخان، ساحة واسعة كالحرية ترقص فيها رياح السماوات.
وختمت:″ رمضان في الخان″ زمان ومكان كغير الأزمنة والأمكنة، نعهد بهما للماضي ان نستمر بالمحبة والألفة بين أبناء طرابلس، جيران، زملاء مدرسة، أقرباء دم وروح، كنيسة ومسجد، انسباء، أشقاء والأهم مواطنين، هذه هي طرابلس، هذه هي الحياة، وهذه هي طرابلس حياة.
تستمر فعاليات ليالي رمضان حتى 19 حزيران المقبل.
